الموت - خاطرة
21 Apr 2018
لماذا نحزن عندما نرى مُضِيَّ الأيام وزوالها وتغير الزمن وكِبَر عُمرنا وتغير شكلنا شيئاً فشيئاً، عندما نرى من نُحب يهرم ويشيخ وتتغير معالم شكله وتظهر تجاعيد وجهه ويشيب رأسه.. لماذا نبكي عندما يموت من نحب، أو.. لماذا نخاف من الموت؟ ربما ﻷننا لا ندرك حقيقته..
الموت! كلمة جميلة لو فهمنا معناها، لو فهمنا حقيقة الدنيا التي نعيش بها، حقيقة الموت، وحقيقة ما بعده..
عندما نُحسنُ في حياتنا، ونحاول الابتعاد عن الجانب الأسود في هذه الدنيا، عن كل ما هو خاطئ..عن الظلم، ظلم الناس، أو ظلم أنفسنا..فسنحيا حياةً كريمةً طيبةً في هذه الدنيا، وأيضاً سنجد الموت جميل! سنجده راحةً لنا عندما نشيب، أو عندما تضيق بنا الأيام، أو بالضبط عندما يحين موعده..سنكون بشوق ولهفة له، سنجد فيه الراحة، سنجد فيه الطمأنينة والنعيم، سنجد فيه الخلود..
فلو أنك نِمت، نِمت عن هذه الدنيا الزائلة التي يتبدّل فيها كل شيئ في كل لحظة ولايدوم بها شيئ على حاله، عن هذه المشقات والأعباء والهموم التي تحملها بداخلك والتي زَرَعَتْها بك الدنيا..ووجدت أنك في حدائق وأنهار..في جنان، وجدت من مات ممن تحب وهو في عِزِّ شبابه، وقد اجتمعتم سويةً، مع شخصيات أحببتها من التاريخ أيضًا..وجدت نفسك في هذه الجَمعة الخيالية في ذلك المكان الخياليّ الروعة، ووجدت قصرك وخادماته..ووجدت من النعيم مالم تتخيل ومالم يتخيل أحد من أغنى أغنياء الدنيا..وبعدها خُيِّرت بالاستيقاظ من منامك والعودة لهمومك ومشاقّك في الدنيا، أو الإكمال في ذلك الحلم والعبور به نحو الحقيقة..أي معايشته حقيقةً..ماذا ستختار؟
لقد حدث هذا التخيير حقيقةً، حدث لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأجاب “بل الرفيق الأعلى”..وليس فقط للأنبياء..بل كل عبد صالح إن خُيِّر فسيكون خياره نفسه، حدث مع جدتي، عندما وقفت أمي فوقها على فراش السعادة..أو كما يدعونه فراش الموت، وقالت لها ارجِعي..لا تموتي..فأشارت لها بـ لا ..لااااا..فلقد رأت ما رأت..
فقط لنحيا بصدق، بإخلاص، بإحسان..لنحيا بوفاء للخالق ونِعَمه..لنحيا على صراطٍ مستقيم..وليس ذلك بالعسير..هي الدنيا أيام قليلة، وامتحانات معدودة..لنحياها كما يجب..عندها لن نخشى الموت..بل سيكون السعادة الأبدية لنا..والخلود في النعيم..